الفصل الرابع والثلاثون

 





الأول فى الفروسيه.. و الأول فى غزو قلبى فـ إن أعطيتك حق البعد عنى لـ مره لا تظن أنى أعطيك حق الهجران والإنتماء لأخرى.. فـ إن كنت أنت فارسى المغوار.. فـ أنا مهره عربية جامحة لا تصمت عن حقها وهو "أنت".


ظلت تتأمل بـ صدمة حتى تحولت ملامحها إلى البرود وتقدمت ترحب بـ الجميع.. ولكن ما طاله ليس ترحيب بل لهب يحرقه مكانه لهب ناتج عن إمتزاج غابتها الخضراء و شرار أحمر يحاوطه، تابعها بـ ملامح مبهمه لم تستطيع تفسيرها ولكن بـ داخله ينمو أمل جديد بتملكها رغماً عن أنفها فـ قرر إستكمال ما بدأه مصدراً صوت من حلقه حتى ينتبه له الجميع، إلتفت العيون تتابعه بـ إهتمام وفضول مما يريد فـ لم يطل بـ صمته قائلاً وهو ينظر إلى هدير يرى بها لمع سعادة أم بـ وليدها البكر: أنا قررت أتجوز يا ماما وأتمنى محدش يعترض عليها.


_ وأنا هعترض ليه يا حبيبى دا اليوم إللى كنت بتمناه، نعرفها طيب إسمها إيه؟.


أجابته هدير بـ إبتسامة تكاد تألمها من إتساعها فـ إسترسل بـ حديثه ظاهرياً لا ينتبه لـ رد فعلها ولكن باطناً كان يتشوق بـ أن يغادرها برودها وتطالبه بـ حقها به: شهد إسمها شهد يا ماما وأيوه نعرفها جداً.


تعالت الخفقات حوله وكأن الجميع كان ينتظر أن يخبرهم بما يعلمونه فـ من لا يعلم عشقه لـ متحجرة القلب.. فـ إنتفضت صاحبة القلب المتحجر بتعالى وغرور أنثوى يطوف بداخلها أنه لم يتخلى عنها ولكن لما يماطل وكأن تلك الشهد ليست هى بل غيرها فـ إنطفئ الحماس داخلها موقف إياها من فعل تلك الخطوة الغبيه بـ رفضه دون إكمال حديثه حتى تحفظ ماء وجهها عندما تذكرت تلك الشمطاء الأخرى الحامله لنفس إسمها إبنة السويسرى.. صدق حدثها عندما غمغم بهدوء ينهى حماسهم: تبقى بنت مدحت السويسرى.


تجهمت الوجوه ومن حديثه ولكن كان من حقه التجهم عندما أول من قطع الصمت الذى حاوطهم بعد حديثه كانت هى معذبة قلبه ومليكة فؤاده متمته بـ إبتسامة توشى بـ سعادتها وكأنها العروس: الف الف مبروك يا فارس... بجد بحى إختيارك.


إلتفت العيون إليها تحدق بها بـ ذهول لا يصدقون أ كانو يتوهمون بحبها له أم أن تلك كانت أمانيهم التى أعمتهم عن الحقيقة... حتى هو شك بحبها له كان يحتضن نظراتها بـ عينيه يحاول إختراقها لـ يفسر سعادتها تلك أ هى مزيفه أم.. حقيقية، وكم يتمنى الجواب الأول لـ يهدئ ذلك الخائن الذى يقرع كـ طبول المنذرة بـ حرب قريبه.


_ باابى... وحشتنى.


هتفتها شهد وهى تهرول إلى والدها تحتضنه بعد أن دلف إلى الصالة التى يجلسون بها وخلفه خالد الذى ألقى التحية عليها و جلس بـ جوار هدير مره أخرى يحاوط منكبها بـ ذراعه كـ عادته منذ زواجهم وهو يلقى نظرات محذره ومتوعده إلى مالك بـ أن يؤذى قطعه من روحه ولو دون قصد.


_ حمدلله على سلامتك.


أجابها سائر و هو يحاوط خصرها يحتضنها يطمئن قلبه بـ أنها عادت إليه شبيهته سالمه... مهما تركها تنفذ قرراتها أو وافقها على إبتعادها عنه ولكن تبقى قطعه من روحه لا يتحمل أن يمس شعره منها حتى ولو هو متأكد مئه بـ المئه بـ أن له الحق لـ يشعر بالشفقه على من يحاول مسها.


إبتعدت بـ هدوء و هى تفك ذراعيها من حول رقبته ثم تمتم بـ إقرار لا سؤال: أنت ليك إيد فى إختفاءه.


إبتسم وهو يرفع كفه يربت على وجنتها اليسرى قائلاً: دا أفضل للجميع.. ودلوقتى إنسى وركزى فى حياتك.


أنهى جملته بـ نبره حازمه لا تقبل النقاش أو الرد عليها ثم حاوك كفها بكفه وإتجه يجلس بـ جوار كارلا و يجلسها بجواره على طرف الأريكه العالى.


************


بـ مدينة الملاهى.


وقف يحاوطها من الخلف يعلمها كيف تحمل البندقيه حتى تسدد تلك الطلقه على العبوه أمامها حتى تزفر بتلك الدمية الكبيره التى تقاربها بـ الطول تقريباً.


_ أيوه.. إقفلى عينك الشمال و ركزى بـ اليمين بس.


هتف فادي و هو يثبت يديها ويحمل معها البندقيّة بسبب ثقلها.. كانت أثير تنفذ تعليماته بـ فضول و إبتسامتها لا تغادر وجهها منذ قدومهم يكاد الألم يعصف فكها بسبب إبتسامتها وضحكتها.. صدح صوت الإطلاق فـ أصابت الهدف فـ سحبت كفيها من بين كفيه حتى يحمل هو البندقيّة و بدأت تقفز وهى تصفق من سعادتها بـ أنها وأخيراً فازت بـ لعبة ( النشان) التى كانت تتمنى لعبها دائماً كلما ذهب إلى ( المولد) الذى يقام بـ قريتهم مرتين كل عام.


قفزت تتعلق بـ رقبته تحاوطها وتدفن رأسها بـ صدره و تقف على أطراف أصابعها بـ سعادة وذلك الشعور يغمرها و يمحو عقدة النقص بـ داخلها شئً فـ شئ.. أبيها موجود ويدللها وينفذ لها رغباتها صارت "أميرة أبيها" بعد أن كانت " إبنة زانية " مثل ما كان يطلق عليها زوج والدتها..


_ شكراً.


تمتمت بـ خفوت وهى تخفى وجهها داخل صدره ولا تشعر بتلك العيون التى تحاوطهم بـ فضول و إزدراء بسبب أنها ترتدى الزى المدرسى و هو عمره يفوق عمرها ولكن لا يوضح أنه والدها لهم.


_ على إيه؟!. إنتى إللى أصابتيها.


أجابها بـ إبتسامه و هو يحاوط.ظهرها بـ ذراع يسندها حتى لا تقع والأخر يحمل البندقيّة ولكن شدد من إحتضانها عندما سمع صوتها المتحشرج بسبب غصة الدموع التى تحاربها ألا تنهار قائلة: أنا كسبت عشان أنت كنت فى ضهرى.


يا الله.. ما أجمل ذلك الشعور الفطرى بداخله ناحيتها منذ أن علم بـ وجدهم.. أبناءه خلقوا من حزء منه ومنها صاحبة أول خفقت قلب دون منازع وإن أخفق و نكر ذلك فـ هى مليكة قلبه.


********


أوقف سيارته بـ أسفل المبنى بعد أن أوشك الليل بـ القدوم ويحل الظلام.. إلتفت ينظر إليها قائلاً: يلا يا أثير وصلنا.


كانت تجلس على الكرسى بـ جواره وتحتضن الدمى الكبيرة التى فازت بها.. تقوس شفتيها بـ حزن بسبب إنتهاء اليوم الذى لا يعوض تهمس: مينفعش أجى معاك.


سمع همسها المتردد وتمنى أن يصعد إلى والدتها يركع أمامها حتى تغفر له ويجتمعوا بـ منزل واحد.


_ مش المره دى بس إتأكدى إن مش هتنازل عنكم مهما يحصل.. وقريب جداً هنكون مع بعض ومافيش قوة هتفرقنا تانى.


أجابها وهو يربت فوق منابت شعرها الأسود الشبيه بـ شعر والدتها و كانت ترفعه على هيئة ذيل حصان.


أومأت بـ صمت و حملت الدميه و حقيبة الدراسه ثم صعدت إلى الأعلى.. عندما تأكد من صعدوها أدار سيارته وإنطلق بها عائد إلى منزله.


*******


عبر داخل البوابة الرئيسيه لـ القصر وجده على غير العادة لا مؤتمرات والدته أو حفلات والده التى لا تنتهى... بـ التأكيد فريال هانم الأبنودى بـ الجمعية التى تديرها و رأفت بك الجيار بـ أحد رحلاته الجامحه التى لا تنتهى حتى سنه هذا..


أوقف سيارته أمام الدرج الخارجى و ترجل من السيارة تاركها لـ الحارس حتى يذهب بها إلى الجراچ.. صعد السلالم القليله و فتح الباب العملاق و دلف إلى بهو القصر.. وعندما مر من جانب الصالة الجانبية التى خصصت لـ الإجتماعات العائليه.. ضحك ساخراً يهتف داخله ( أين تلك العائلة؟). صعد الدرج لـ يذهب إلى غرفته ولكن أوقفه ذلك الصوت الخشن الخاص بـ والده والذى كاد أن ينسى نبرته بسبب سفره الدائم وإجتماعاته لا يتذكر متى كان أخر مره سمع صوته بها؟! توقفت قدمه على ثالث سلمه والأخرى على الرابعه يستمع إلى لهجته الساخره: حمدلله بالسلامه يا بيه.. مش صغيره عليك المره دى.


إنخفضت قدمه توازى أختها ليتخشب مكانه ويعتصر قبضتيه بـ غضب يغمض عينيه بـ قوة حتى لا يلتف ينهال عليه باللكمات بسبب سخريته و زمه المبطن له.. أجابه بـ نبرة جامده تحمل بـ طياتها الكثير والكثير من الغضب و السخريه دون أن يلتفت له ويواجه: من شابه أباه.


_ ولدد..


صاح بها رأفت بعد أن شعر بـ سخريته المبطنه وإلتفت بـ جانب عينيه ينظر إلى فريال التى تقف خلفه بـ شموخ وكبرياء فطرى يليق بها فـ هى إبنة الحسب والنسب التى إختارها لـ تكون واجه له وللمجتمع بتلك الطبقة وأماً لـ أولاده..


_ عن إذنك محتاج أريح شويه.


قالها بـ جفاء ثم تابع صعوده دون أن يأبه بأن يسمح له..


_ البنت دى أنا هعرف أربيها طلما أهلها معرفوش.


صاح رأفت بـ غضب بعد أن شاهد بروده وقلة الإحترام من ولده البكرى.. إتسعت إبتسامته داخلياً عندما وجد تهديده يجدى نفعاً معه عندما عكس خطواته و نزل الدرج حتى إقترب منه وهو يتفحصه بـ عينيه التى ورثها منه.


وقف فادي أمامه يضع كفيه بداخل جيب بنطاله ويصدر صوت تأتأه بـ فمه ساخراً مقرراً أخيراً تفجير قنبلته لعلها تصيب قلبه فيصبح أشلاء و يموت كمداً أمامه الأن: تؤ تؤ تؤ.. واضح كده يا رأفت بيه إنك لازم تغير جواسيسك إلا مماشيهم ورايا.


ظل رأفت يتابعه بـ ملامح غاضبه و لكن لا يفهم بما يلمح له.. فـ أبعد نظراته عنه بترفع وكبرياء دون إجابه فـ إسترسل فادي بحديثه: لانك للأسف الحاجة الوحيده اللي قولتها صح إن أهلها معرفوش يربوها.. منتظر إيه من بنت دمك بيجرى جوها.


إتسعت حدقتيه وإرتد إلى الخلف خطوة مصدوم مما سمعه صائحاً بقوة ينكر تلك التى تنتمى إليه وهو ينظر إلى زوجته التى تتابع بـ صمت كـ عادتها عندما يجتمعون معاً: كدااابة أنا معنديش بنات.


صدحت ضحكات فادي بقوة وإرتد رأسه للخلف و بدأ يصفق بقوة من شدة ضحكه.. طالت كثيراً مما جعل وجه رأفت يشحب بـ قوة من تحليله بـ أنها نتجت بسبب أحد نزواته وأثبتت ذلك لـ إبنه.. توقف أخيراً يلهث وهو يحاول أن يهدأ من ضحكته قائلاً وهو يقترب من وجه رأفت الذى شحب: مش قولتلك من شابه أباه يا.. والدى.


تكاسل وهو ينطق بـ أخر كلماته وكأنه يحشر داخل عقله الصغير بـ أنه حقق مبتغاه بـ أنه تحول إلى نسخة مصغره منه.. ونقطة مشتركة بينهم وهى جلب أطفال دون إثبات ولا حق.


_ يعنى البنت دى بنتك.


وكان إقرار قبل أن يكون سؤال هتف به وهو مشدوه نظراته زائغه ثم رفع وجهه ينظر إليه يحاول أن يشاهد بعينيه الكذب ولكن قابله الصدق والغضب منه وأكثر من نفسه وندم إتسع بؤبئى عينيه عندما سمعه يهتف بنبره لا تقبل الجدل ثم غادر القصر كامله وقرر عدم الوجود بداخله بعد الأن: إعمل حسابك هتيجى معايا الخميس الجاي عشان هطلب إيد أمها.


*****************


قبل قليل..


دلفت أثير داخل الشقة و إلتفت تغلق الباب وهى تدندن بسعاده و تحاوط الدب الكبير بـ ذراعها الأخر وتتمايل به، أغمضت عيناها بـ سعادة تتذوق كلمات الفرح والسعادة المنبعثه من تلك النغمة القديمة المشهوره لـ سندريلا الشاشة ( سعاد حسنى) رحمها الله تهتف وكأن زهور الربيع أزهرت بعد طول غياب فى حياتها.


_ الدنيا ربيع.. والجو بديع.. قفلى على كل المواضيع.. أقفلــــــ.. آآآه.


ضاعت الحروف منها مختفيه داخل شهقة ألم أثر الصفعه التى تلقتها من والدتها جعلت وجهها يلتفت للجهه الأخرى و خصلاتها تتشعث وتنهار من ذيل الحصان التى تصففه به على وجهها.. شددت من إحتضانها لـ الدب الذى يشبه الباندا و إحمرت عينيها وتشكلت تلك غمامة الدموع بمقلتيها تهدد بـ الإنهمار فوق وجنتيها.. رفعت أثير وجهها تنظر إلى كريمة التى وقفت تطالعها مشدوه من رد فعلها عندما كانت تقف تنتظرها بـ الشرفه و وجدتها تهبط من سيارة لا تعلم صاحبها، لا تصدق أن إبنتها ستعيد فعلتها وتقع بين براثن تلك الطبقة مرة أخرى.. لن تتحمل تكرار خطأها مع وليدتها مهما حدث فـ هى ستحميها وتنال من كل من يقترب منها لن تدعها تعيد الماضى أمامها وتقف متفرجه على ضياعها و معانتها التى لن تنتهى بعد ذلك الإثم الذى لا يغفر. 


شددت من قبضة كفها الذى صفعها حتى أدمته من أظافيرها وتهتف من بين أسنانها قائلة: أنتى كنتى فين كل ده ومع مين؟!. ومتقوليش مع طنط كارلا لان أنا إتصلت على القصر و قالولى أنك مروحتيش هناك. 


إنطلقت شهقة بكاء و إنهمرت دموع أثير تلك ليست أول مره تضرب بها بل تلك أول مره والدتها تضربها.. لا تصدق ما حدث بماذا أجرمت عندما تمنت أن تعيش بين والديها وتسد جوعها لـ شعور الأبوه والسند هتفت بخفوت و تنطلق شهقات متقطعه بسبب بكائها،لم ترفع عينيها تواجه أمها بل ظلت تطئ بـ رأسها حتى لا تنظر إلى عين كريمه وترى بها الإنخذال بسبب كذبتها: أنا عارفه إنى غلطانه إن كذبت عليكى، بس أنتى كمان مكنتيش هتسبينى أشوفه.. نفسى يبقى ليا أب، أب بجد يحبنى و أحس بحنيته عليا مش كل ما يشوفنى يضربنى و يقولى يا بنت الزانية، أنا كنت بموت وأنا بشوف زمايلى فرحانين وأبوهم بيخرجهم ويفسحهم وأنا يوم ما أخرج معاكى محرومه بخرج بس عشان اتحسر على الحاجة اللى نفسى فيها ومقدرش أقول لأنام على الأرض ومضروبه.. أجرمت أن خرجت وحسيت بطعم الحنان والأمان من أبويا.


قبضه قوية تعتصر قلبها بـ قوة و تقبض على رائتيها تمنعها من إلتقاط أنفاسها إحمر وجهها بسبب إرتفاع ضغط الدم لا تستطيع الإستحمال أكثر من هذا.. ذلك القيح الذى نمى بـ داخل طفلتها لا تستطيع تصديقه... تلك المشاعر والنقص الذى كان ينمو بداخل طفلتها لا تستطيع أن تستوعبه، لقد ساهمت به دون أن تعلم أو تشعر، ولكن لما العتاب.. أ كانت تنهى حياتهم قبل أن يصرخوا صرخة الحياه كما أمرها متجبر القلب وعديم الضمير التى كانت تحمل إسمه.. فـ هم قطعه من روحها لا تقوى على العيش بدونهما، ومضات مرت أمام عينيها يوم ولادتهم.. صراخ و رجاء حتى يتركها ويعفو عنها ولا يضربها أكثر.. تتقور حول نفسها تحاول إبعاد قدمة التى تركلها عن بطنها المتكوره، إنتطلقت صرخة من صرخاتها بـ الماضى تلاقت بـ الحاضر منطلقه من أثير وهى ترى والدتها تتلقفها الأرض بـ راحبة صدر و ترحب بتلك الغيمه التى تبتلعها لعلها تنهى حياتها وتريح من حولها من عبئها وإثمها الذى لا يغفر بـ عين البشر و الأن وليدتها تقف أمامها تواجهها.: مااااماااااا!.


******************


وقف يستند بـ جذعه ويربع ذراعيه أمام صدره يتابعها فـ هى منذ عودته من رحلته وهى تتدعى الإنشغال و الأن تهرول من هنا إلى هنا داخل المطبخ تحضر بعض الأصناف من الطعام والحلويات..


زفر بـ عنف ثم قرر أن يخبرها قراره الذى أخده، إعتدل بـ وقفته ثم إقترب منها وهى تقف على أصابع قدمها تحاول الوصول لـ كيس المعكرونه داخل الدولاب المطبخ العالى.. ثبتها بـ كفيه من خصرها ثم رفعها حتى تصل إلى ما تريد.. شهقه إبتلعتها داخل جوفها دون ان تصدر صوت وأخذت ما تريده بسرعه كى تفلت من تلك الكهرباء التى تمس عمودها الفقرى كلما إقترب منها أو لمسها، فراشات تتطاير داخل معدتها تدغدغها بـ حلاولة ولكن يبقى هناك فى زاوية بعيده داخل قلبها مازالت تحمل السوء له مما نالته على يده.. 


_ خلاص.


همهمت بها بـ صوت متحشرج من هجومه الضارى عليها.. أخفضها بـ بطئ ثم أدارها بين ذراعيه دون أن يفك حصارها سحب بيده اليمنى الكيس من يدها ببطئ ثم وضعه بجواره وحاوط خصرها بالأخرى رافعاً إياها يجلسها فوق القطعه الرخامة الموجوده خلفها، إختلطت أنفاسهم ولم يفصل بينهم إنش واحد.. 


_ شـ اا د ن.


همس بـ إسمها بتمهل يتلذذ بحروفه ونغماته من بين شفتيه قائلاً بـ حراره تلسع قلبه من شوقه و قلبه الملتع حتى ينال غفرانها يتابع حديثه بـ تمهل وكأنه يملك وقت العالم فى حضرتها.. يخبرها بما يجيش بقلبه: يا فرحة قلبى و سرور حياتى.. طالب وصال قلبك حتى لو التمن حياتى، مش هقولك قلبى لان قلبى ملكك من زمااان أوووى.


أنهى جملته بتمهل وكأنه يطعمها حروف كلماته حتى يصل لقلبها العاصى.. أغمضت عينيها بقوه بسبب ثقل أنفاسها التى تختفى بـ حضرته و كلماته التى لا ينفك عن ترديدها منذ أن علم معنى إسمها و هو ينادى عليها دائماً بـ " فرحة قلبى ".. دائماً يخبرها بأنها الفرح والسرور والروح التى تجعله يعود ركضاً حتى ينال منه ولو قليل.. وعندما لم ينتشر حولهم سوى صوت أنفاسهم العالية هتف بـ هدوء وكأنه يخبرها عن الطقس وليس عن تنازله عن حلمه وشغفه بـ الحياه: أنا قدمت إستقالتى إنهارده قبل ما أجى.. مش مستعد أضيع لحظة واحده بعيد عنك.. محتاج أعوض وأعتذر سبع عشر سنه.. محتاج أعالج سنين عجاف مرو عليا وعليكى.


إتسعت حدقتيها وتلك النقطه البعيده بـ قلبها تتزحزح بخنوع تحت كلماته وأفعاله الحانيه التى تعوضها و تحى أنوثتها التى دفتنها منذ زمن مقرره الحداد على الرجال أجمع بعد ما... لم تكمل حديثها بينها وبين نفسها حتى.. لا تقوى على التذكر مره أخرى.. كانت تفرج شفتيها ثم تطبقهما بقوة تمنع ما تريد قوله، أسند جبينه فوق جبينها بـ إرهاق نال منه ما نال.. 


_ بس دا حلمك.


هتفت بعد أن عثرت على صوتها الهارب بـ دهشه.. إبتعد قليلاً دون أن يحررها من بين ذراعيه يرفع يده يبعد تلك الخصله الهاربة من كعكتها الفوضوية خلف أُذنها و يرسم ملامحها بـ إبهامه بتمهل يأثر قلبها يهتف بـ هدوء: أنتِ حلمى إلا هفضل أعافر لحد لما أوصله ويقرب منى برضاه.. أنتِ حلم بعيد أووى.


لم تشعر بـ نفسها وهى تقطع تلك المسافة الفاصلة بينهم تلمس شفتيه بـ شفهها كـ رفرفة فراشة فوقها تخبره بـ بدأ قرب هذا الحلم منه.. دون الفرار.


وفقد هو صبره وسيطرته على النفس ملتهماً شفتيها يتذوقها بتمهل يتلذذ بطعم الفراولة من شفتيها الممزوجه مع النعناع التى تستعمله كـ عاده لها حتى تبقى منتعشه طوال اليوم... وكانت هى ولأول مره مرحبه وراغبه تريد المزيد والمزيد وتدليل أنوثتها التى بدأت بـ الإستيقاظ على يده كما دفنت من قبل.


*************************


هرول داخل طرقات المستشفى البيضاء، قلبه منقبض منذ هاتفته أثير منهاره بعد خروجه المباشر من القصر تخبره بتقطع أن يحضر وأن أسر هاتف الإسعاف.. فـ أخبرها أن تذهب إلى المستشفى التى يتعامل معها وأخبرها عنوانها فـ هى قريبه من مسكنهم.. بطئ خطواته وهو يرى وقوف أثير مخفضه رأسها و تبكى بـ إنهيار و أسر الذى وقف يصرخ عليها بعلو صوته هاتفاً: عاوز أفهم إيه إلا حصل.. أنا سايبها كويسه ونزلت أجيب طلب من السوبر ماركت.. إيه إلا وصلها لـ كده.


تقدم منهم بخطوات بطيئه و عندما رأته أثير خرجت عن تخشبها مهروله تحتضنه بـ قوه تدفن وجهها داخل صدره وتشدد كفيها على ظهره من الخلف تهتف بـ كلمات وجمل غير مترابطه: والله مكنتش أقصد.. أنا أسفه والله بس ترجعلى.. أنا مكنتش أقصد.. أنا أنـ ا أ.


_ أنت عاوز مننا إيه؟.


صرخ أسر بعد أن إستجمع دهشته من وجوده و إحتضان توأمه له وحضوره بـ هذا الوقت.


إحتضن أثير يهدأها وهو يهمس بعض الكلمات بـ أُذنها و قرر ترك شبيه أبيه الأن.. وسوف يتعامل معه بوقت أخر.. أجلسها على المقعد المجاور أمام الغرفة التى بداخلها والدتها جلست وهى تنطلق منها شهقات البكاء وتستمع إلى والدها الذى أخبرها وهو يربت فوق رأسها: خلاص إهدى وهتبقى كويسه بـ إذن الله إدعيلها وأنا هشوف الدكتور المسئول.


تحرك وهو يلمح إبنه الذى يقف يرمقه بـ نظرات تحمل الحمم البركانيه التى تثور بداخله ولو تحررت من عينيه لـ أذابته بموقعه.. يذكره بـ أبيه حتى ولو لم يراه ولو لمره تكفى جيناته وتفيض.. إنطلق يدفع الباب دون إستأذان و دلف.


_ أنت مين وإزاى تعمل كده.


صاح الطبيب الذى كان يتابع مؤشراتها بـ الشاشه المجاوره لفراشها الطبيى.. فـ إكتفى بـ ذكر إسمه ليعلم الطبيب من هو فوراً مقرراً الفرار بنفسه وتركه يفعل ما يشاء حتى يظل بعمله..


_ هى عاملة اية دلوقتى.. وإيه إلا حصل.

هتف فادى وهو يقف بـ جوار الفراش يطل عليه بـ جسده يتأمل وجهها الذى بدأ يعود لونه الطبيعى وينسحب الإحمرار من وجهها تارك تورد وجنتيها يزيدها جمالاً فوق جمالاً وملامحها الباهيه مستكينه أمامه.. كان يستمع إلى تشخيص الطبيب الذى كان يشرح بـ عمليه وملامح مقتضبه بسبب إقتحامه للغرفه أثناء عمله: شبه جلطه بسبب إرتفاع ضغط الدم و ضربات قلب عصبيه.. هى دلوقتى أخدت حقنة عشان تفتت الجلطة و مهدأ مش هتفوق إلا بكرا الصبح.. وأتمنى تبعد عن أى ضغط الفتره دى. ممكن أعرف دلوقتى هى تقربلك إيه عشان الأولاد مفهمناش منهم حاجة بسبب إنهيارهم.


_ مرااتى.


قالها وإكتفى بها إنخفض على ركبته بـ جوار الفراش يمسد فوق خصلاتها السوداء وهو يتجاهلهم حتى خرج الطبيب والممرضين بعد أن فقدوا الأمل من فرض قوانينهم على فادى الجيار.. كيف تحولت تلك الكريمة الناعمة تصل إلى هنا، ولكن هو أيضاً يحمل ذنبها وسيتأكد من تعويضها عم نالها منه ومن غيره.


***********************


يتبع............


************************




تعليقات

المشاركات الشائعة